الليبرالية وما تؤدي إليه (1) الشيخ محمد بن إبراهيم المصري


بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله رب العالمين، ناصر المؤمنين، وماحق الكفار والمنافقين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، رسول الله محمد الصادق الأمين، وعلى آله الطاهرين، وصحبه الطيبين.
 
أما بعد...
  • فقد قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)} [العلق].(1)
  • وقال تعالى:{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)} [عبس].(2)

ما زال كثير من الناس من الكفرة الأصليين الأرجاس والمرتدين الأنجاس يغترون بحلم الله تعالى، ويختالون في الباطل اختيالًا، ويريدون في كل يوم ضلالًا مزيدًا، وشذوذًا جديدًا.
 
فإباحة الزنا والشذوذ، وأنواع الشرور، وتبريرها، وردُّها إلى أشياء جينية، وأُطر طبيعية: جزء مُقَدَّم مما يُرَاد من أنواع الشر، والسوء، والكفر، والتعدي.
 
فبسبب ما رأى هؤلاء الجهال الكفار(3)من تطور دنيوي تقني نسبي صار بعضهم يحلم بتغيير جسده، وإنتاج ذريته في المختبرات، ربما بلا أب ولا أم، وبلا جنس محدد.
 
وكما عبَّر بعضهم: «كيف أن إنسان هذا العصر يريد السيطرة على الطبيعة، وتغيير طبيعته نفسها، والتخلص من الجسد والموت والجيل المجنس».(4)
  • تقول كاتبة فرنسية(5):
«جسدنا ملك لنا(6)، ولكننا لا نملكه كمتاع يمكن إعطاؤه، وبيعه؛ كما نفعل ببيت، أو سيارة، أو دراجة(7)، هذا الخلط تُغذيه عمدًا أيدلوجيا ليبرالية متطرفة تريد إقناعنا بأننا يمكن أن نتنازل عن أجسادنا ما دامت ملكًا لنا».
 
قلت:قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)} [الأعراف].
 
قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر].
 
كتبه
محمد بن إبراهيم
بالقاهرة في 28/ 1/ 1441
 


---------------------------------------------------
(1) معنى الآيات: «حقًّا إن الإنسان ليتجاوز حدود الله، إذا أبطره الغنى، فليعلم كل طاغية أن المصير إلى الله، فيُجَازِي كل إنسان بعمله». [كما في «التفسير الميسر»].

 
(2) معنى الآيات: «لُعِن الإنسان الكافر، وعُذِّب، ما أشد كفره بربه!! ألم ير من أي شيء خلقه الله أول مرة؟ خلقه الله من ماء قليل -وهو المني- وقدره أطوارًا، ثم بين له طريق الخير والشر، ثم أماته فجعل له مكانًا يُقبر فيه، ثم إذا شاء سبحانه أحياه، وبعثه بعد موته للحساب والجزاء. ليس الأمر كما يقول الكافر ويفعل، فلم يؤد ما أمره الله به من الإيمان والعمل بطاعته». [كما في «التفسير الميسر»].
 
(3) ضعيفو الفكر، قصيرو النظر.
 
(4) كما نُقل في مجلة «الجديد» اللندنية الزندقية، عدد (56) (ص/ 136).
 
(5) وهي: المتفلسفة سيليان أغاسينسكي في كتابها الجديد «الإنسان المفصول الجسد: من الجسد الطبيعي إلى البدن المصنوع» [L’HOMME DESINCARNE DU CORPS CHARNEL AU CORPS FABRIQUE].
وهو كتاب يحذر من مخاطر الليبرالية المتطرفة التي تعتبر كاليفورنيا مركزًا لها. كما قاله كاتب «المختصر» في [مجلة الجديد، عدد (56)، (ص/ 137)].
 
(6) هذا قالته بمنهجها الكفري، أما نحن -أهل الإسلام = أهل العقيدة الصحيحة- فنقول: نحن ملك لله تعالى، وحياتنا لله تعالى، ومماتنا لله تعالى وحده لا شريك.
 
(7) هذا قالته بمقتضى بقية العقل والفطرة، وهنا يُحشر هؤلاء الداعون إلى توسط بين الإيمان الحق، والكفر! المتطرف!! فالتوسطُ بين الإيمان والكفر: كفر، والعياذ بالله تعالى.