تحذير المسلمين من تمدد كفار الصين (4) الشيخ محمد بن إبراهيم المصري


بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمدُ لله ربِّ العالمين، ناصرِ المؤمنين، وماحِقِ الكفارِ والمنافقين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ النبيِّين، وخيرِ خلقِ الله أجمعين؛ رسولِ الله محمدٍ، وعلى آلِه الطاهرين، وصحبِه الميامين.
 
أما بعد...
 
فقد قال العلامةُ الشيخُ أبو عبدِ الرحمن مقبلُ بنُ هادي الوادعيُّ -رحمه الله تعالى - في «السّيُوف البَاتِرَة لِإِلْحَادِ الشيوعيَّةِ الكَافِرَة» (ص/228):
 
الشيوعيةُ أظلمُ مِن كلِّ ظالمٍ
 
قال الله -سبحانه وتعالى-: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)}[الأنعام]، الناسُ يَتَفَاوَتُون في الظلم؛ كما أنهم يَتَفَاوَتُون في الإحسانِ والعدل.
 
ثم قال: «وَيُسْتَثْنَى مِن ذلك إبليس؛ فإنه وإن كانَ أعقلَ من الشيوعيين إلَّا أنه أبو الظالمين».
 
قلتُ: وفي استمرارٍ للظلمِ، والطغيانِ الشيوعيِّ(1): أعلنَ الرئيسُ الصينيُّ الشيوعيُّ الطاغوتُ الكافرُ الظالمُ الظلاميُّ المُظلمُ شي جين بينغ:
 
 
«بدايةَ مرحلةٍ جديدةٍ في تاريخ الصين، وحَدَّدَ خلال تَرَؤُسِهِ الكونغرس العام الـ19 للحزب الشيوعي الحاكم في الصين، خُطَطًا كبيرةً للعقودِ الثلاثةِ المُقبلة، في خطوة يُنْظَرُ إليها على أنها: تَثْبِيتٌ لزعامتِه دون منازع، بُعَيْدَ انقضاءِ أولِ خمسِ سنواتٍ له في الحكم، وإعادة فلسفةِ الحكمِ المطلقِ للرجلِ الواحدِ، التي رسَّخَها الزعيمُ التاريخيُّ(2) ماو تسي تونج، الذي تَزَعَّمَ الصينَ الشيوعيةَ بين عامي 1936، 1976.
 
وبصفتِه رئيسًا للحزبِ الشيوعيِّ الحاكمِ، قَدَّمَ شي تقريرًا افتتاحيًّا للكونغرس الوطني للحزب، الذي يُعْقَدُ مرةً كلَّ خمسِ سنوات، ورسم مِن خلالِ خطابٍ رنَّانٍ أهدافًا حتى العام 2049، وجاء كلامُه كمؤشرٍ واضحٍ على أنه سَيَسْعَى للاستمرارِ في السلطة مدةً أطولَ مِنَ العشرِ سنواتٍ المعتادة مُؤَخَّرًا لكلِّ رئيسٍ صينيّ(3).
 
وقال شي:«إنَّ الأمةَ الصينيةَ الحديثةَ قد تحملتِ الكثيرَ لفترةٍ طويلة، وقد حَقَّقَتْ تَحَوُّلًا هَائلًا، لقد ظهرت غنية، وهي الآن تصبح قوية».
 
 
أضاف: «مِن خلالِ مجتمعٍ مزدهرٍ بتواضع بحلول عام 2020، ستصبح الصين بحلولِ منتصفِ القرنِ الحادي والعشرين دولةً اشتراكيَّةً، حديثةً، عظيمةً، مزدهرةً، وقويةً، وديموقراطيةً، ومتقدمةً ثقافيًّا، ومتناغمةً، وجميلةً، ورائدةً عالميًّا؛ مِن حيث القوة الوطنية الشاملة، والنفوذ الدولي»(4).
 
 
وعُقِدَ المؤتمرُ الذي يضم 2280 مندوبًا في صباحٍ مُمْطِرٍ أمس، وشهِد تصفيقًا ساخنًا لخطابِ شي؛ الذي استغرقَ ثلاثَ ساعاتٍ كاملةً، تَعَهَّدَ خلالَه الرئيسُ بتحسينِ حياةِ الناس، وتشديدِ الانضباطِ، وتقويةِ الحزب(5)، والدفاعِ عن سيادةِ الصين خلال صعودها كقوةٍ عالميةٍ عُظْمَى.
 
وبالتوازي مع صعودِ الصين في سلَّمِ القوى العالمية خلال السنوات الماضية(6)، حَصَلَ أيضًا صعودٌ سياسيٌّ لم يَسْبِقْ له مَثِيلٌ للرئيسِ شي جين بينغ نفسه؛ فبعد خمس سنوات فقط من عهده، يعتبره الصينيون اليوم أَقْوَى زعيمٍ صينيٍّ، منذ المؤسس الثوري ماو تسي تونغ.
 
وقد تضاعفت شعبيةُ شي لدى الرأي العام بعدما وضع خططًا طموحةً، وحَدَّدَ تحدياتٍ؛ مثل: معالجة النموِّ الاقتصادي غيرِ المتوازن، وشدَّدَ على أهميةِ حكمِ الحزبِ الذي أصبح تحت سيطرته، وأَكَّدَ إن أيَّ محاولةٍ لتقسيمِ البلاد سوف تُسْحَقُ بِحَزْمٍ(7).
 
وعلى الرغم من أدائه غير الملهم كسياسيٍّ محليّ(8)، إلا أنَّ شي سرعان ما عَزَّزَ سلطتَه بعدما استولى على المركز الأول في الحزب والبلاد عام 2012، متجاهلًا رئيس الوزراء، معلنًا رفضه نهجَ القيادةِ الجماعيةِ التي أقامها الإصلاحيُّ الكبيرُ دنغ شياوبنغ(9)؛ الذي كرس خلال حكمه الصيني بين عامي 1978 و1989 أساسَ تداولِ، وتوزيعِ السلطاتِ؛ لمنعِ حكمِ الرجلِ الواحدِ، الذي كان سلفُه ماو تسي تونغ قد رَسَّخَه.
 
ولإقناع شعبِه بأهليَّتِه للحكم المطلق، شن شي في فترة ولايتِه الأولى حملةً قاسيةً لمكافحةِ الفساد، أطاحَ مِن خلالِهَا بخصومِه السياسِيِّين، كما شنَّ حملةً لاحتكارِ حكمِ الحزبِ الشيوعيِّ؛ مِن خلال القضاءِ على الحركاتِ الشعبية. وأَسْكَتَ النقادَ؛ مِن خلال تشديدِ السيطرةِ على وسائلِ الإعلامِ.(10)
 
ومِن المتوقَّعِ أن يُكَرِّسَ المؤتمرُ الذي يستمر أسبوعًا كاملًا أيديولوجيةَ حُكْمِ شي في دستور الحزب، ومِن المرجَّحِ أن يُضْفِيَ الشرعيةَ على خطة الخلافةِ التي لم يَتِمَّ مِن خلالِهَا تسميةُ أيِّ وريثٍ سياسيٍّ واضحٍ؛ مما يُمَهِّدُ الطريقَ أمـام الرئيسِ شي لحكـمٍ أطولَ مِن العقد (أي: العشر سنوات) المعتاد الحد منذ أيام دنغ(11)».(12)
 
-  قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17) شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19)}[آل عمران].
 
اللهمَّ صلِّ على محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه الطيبين الطاهرين، وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلين، والْعَنْ مَن عاداهم، وعادى دينَهم يا ربّ العالمين

 
كتبه
محمد بن إبراهيم
بالقاهرة: في 3/ 2/ 1439
 
 
 


--------------------------------------------
(1) والذي يَتَجَلَّى داخليًّا، وخارجيًّا؛ خصوصًا في مساندةِ الأنظمةِ الكفريةِ القمعيةِ؛ في: كوريا الشمالية، وميانمار، وسوريا، وغيرها.

 
(2) الطاغوتُ، الْعُتُلُّ، المُتَجَبِّرُ؛ الذي ظنَّ في نفسِه الْأُلُوهِيَّةَ، وعَبَدَهُ حُثَالَاتُ الكفرِ والإلحادِ؛ الصينيون الشيوعيون.
 
(3) وهكذا في عمومِ البلادِ التي يُدَّعَى أنها جمهوريات!!! لا يطبقون ذاك النظام الذي يزعمونه جمهوريًّا، ديموقراطيًّا، تداوليًّا.
 
(4) تأمَّلْ هذا الغرورَ والزهوَ بالصين، واقتصادِها؛ الذي قام على الاسترقاقِ العصريّ، والاستبدادِ السياسيِّ، والاجتماعيِّ، والخداعِ العالميِّ، ومع هذا كلِّه على النهجِ الإلحاديِّ، الشيوعيِّ، الكفريِّ {وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26)}  [الرعد].
 
(5) يعنِي: الحزب الشيوعيِّ، الطاغوتيّ، الظلاميِّ، المتخلِّف.
 
قال الشيخ مقبلٌ الوادعيُّ -رحمه الله تعالى - في «السّيُوف البَاتِرة .....» (ص/25):
 
«وأما الشيوعيةُ فإنها تُدَجِّلُ على الشعوب، وتقول: إن المالَ مالُ الشعب. وهم كاذبون؛ فالذي يتمتع بالمالِ هو الحزبُ الشيوعيُّ الاشتراكيّ، أما بقيةُ الشعب؛ ففي عذابٍ أليمٍ، وفقرٍ مدقعٍ، يكدحون للحزبِ الشيوعيِّ الاشتراكيّ».
 
ثم قال: «يزعمون أنهم يُسَاوُون بين الناسِ في المال، وهم في الواقع والحقيقةِ يُسَاوون بين الناسِ في الفقرِ، والخوفِ، والإرهابِ، اللهم إلا الحزب الشيوعيّ الاشتراكيّ؛ فهو الطبقةُ الراقيةُ».
 
(6) وهذا الذي لابدَّ مِن الحذرِ، والتحذيرِ منه.
 
(7) أسأل الله تعالى أن يُحَرِّرَ المسلمين في تركستان الشرقية، وغيرِها مِن ظلمِ، وقهرِ هؤلاء الكفرة؛ إنه وليُّ ذلك، والقادرُ عليه.
 
نسأله سبحانَه أن يُخَلِّصَ المَقْهُورين المظلومين في كلِّ مكانٍ مِن ظلمِ، واستكبارِ، وكُفْرِ الطواغيت، المجرمين؛ فهو -سبحانه وتعالى -القائل: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص].

(8) بلِ الصينُ مليئةٌ بالمآسي، والبلايا، والرزايا، وكثيرٌ مِن هذا نُشِرَ، وأُلِّفَتْ فيه كتبٌ، رغم الحصارِ الإعلاميِّ، والإرهابِ الأمنيِّ، واحترافِ الكذبِ، والخداعِ، والتضليلِ في وسائل الإعلام الصينية، (ومنها ما هو ناطق بالعربية؛ كقناة (cc tv) الفضائية، ومجلة «الصين اليوم» وغيرها).
 
(9) الذي كان مُنْقَلِبًا على نهجِ ماو تسي تونج.
 
(10) وهذا الاستبدادُ، والظلمُ الداخليُّ يتجلى كذلك صينيًّا في دول العالم التي تَتَمَدَّدُ فيها الصين، وهذه الطاغوتية الفردية تَتَجَلَّى في تصرفاتِ عمومِ الصينيين الْكَفَرَةِ في العالم.
اللهمَّ اقْصِمْ ظهورَهم، وهُدَّ عُتُوَّهُم، وانْتَقِمْ منهم، وأَفْسِدْ خُطَطَهم.

(11) فهذا انقلابٌ جديدٌ نحو الأسوأ، والأسخفِ، والأظلمِ على الصينيين، وعلى العالمِ كلِّه؛ الذي تَمَدَّدَ فيه الصينيون، والله المستعان.
 
(12) مِنْ مَقَالٍ في جريدة «المستقبل» اللبنانية بعنوان: «شي جين بينغ عَلَى خُطَى ماو تسي تونج». نُشِرَ بتاريخ: 29/ 1/ 1439، الموافق: 19/ 10/ 2017 (بالتاريخ النصراني).